نواكشوط في ظلام وعطش.. إلى متى تستمر معاناة السكان؟ – علي محمد امليويح

آراء

تعيش العاصمة الموريتانية نواكشوط منذ أسابيع على وقع أزمات متفاقمة، تتصدرها الانقطاعات المتكررة للكهرباء والانقطاع التام للماء عن بعض الأحياء، وسط صمت رسمي يثير الكثير من الأسئلة. في ظل موجة حر خانقة، وانعدام أي مؤشرات على حلول قريبة، يشعر المواطن وكأنه ترك لمصيره في مواجهة ظروف معيشية قاسية، لا تليق بمدينة يُفترض أنها القلب النابض للبلد.

تعاني أحياء العاصمة من انقطاعات متكررة للكهرباء تمتد لساعات طويلة دون سابق إنذار، ما تسبب في شلل العديد من الأنشطة الحيوية، من بينها التعليم، والصحة، والتجارة. المواطن البسيط يجد نفسه محاصرًا في منزله بلا مروحة، بلا تبريد، بل وأحيانًا بلا ضوء في الليل، فيما لا تقدم الشركة المسؤولة (صوملك) أي تبرير واضح، ولا حتى جدولًا يُمكّن الناس من تنظيم حياتهم.

أما الماء، فحدث ولا حرج. بعض الأحياء – كالتوسعة، دار النعيم، الترحيل، الميناء – لم تعرف طعم الماء منذ أكثر من ثلاثة أسابيع. السكان يضطرون يوميًا لشراء صهاريج ماء بأسعار مرتفعة، في مشهد يعيد إلى الأذهان صور الأزمات الإنسانية في المناطق المنكوبة، لا في عاصمة دولة يُفترض أنها تسير في طريق التنمية.

من يراقب طريقة تعامل السلطات مع أزمة الكهرباء والماء، يشعر وكأننا جميعًا نركب “حصانًا ميتًا”، وننتظر منه أن ينهض فجأة. ووفقًا لما يعرف بـ “نظرية الحصان الميت”، فإن الاستمرار في نفس الأساليب رغم فشلها لا يجدي نفعًا، بل يكرّس العبث. الدولة تعلم أن البنية التحتية متهالكة، وتعلم أن المؤسسات القائمة عاجزة عن تلبية الحد الأدنى من الخدمة، ومع ذلك تكتفي بتغيير المسؤولين، إصدار بيانات مكررة، أو حتى خلق لجان جديدة لدراسة الوضع. بينما الحقيقة هي: الحصان مات، وحان وقت النزول عنه.

في ظل كل هذه المعاناة، يغيب صوت الدولة. لا خلية أزمة، لا مؤتمر صحفي، لا تعهد رسمي بالتحرك العاجل. كأن هذه العاصمة بلا حكومة، وبلا مسؤولين يشعرون بآلام الناس. صمت رسمي يقابله غضب شعبي يتنامى يومًا بعد يوم، وقد لا يطول صبر الناس إلى الأبد.

ما يحدث في نواكشوط اليوم ليس مجرد اختلال مؤقت، بل هو فشل هيكلي يضع مصداقية الدولة على المحك. آن الأوان أن يتحمّل المسؤولون مسؤولياتهم، وأن تتحول الشعارات إلى أفعال. فالكهرباء والماء ليسا من الكماليات، بل من الحقوق الأساسية للمواطن. وأي نظام لا يضمنها، يفقد مبرر وجوده.

Alioun M'leiwih

رئيس التحرير