شهدت الساحة الموريتانية خلال الأيام الماضية فضيحة مدوية تمثلت في انتشار تسجيل صوتي مسرب يكشف تورط مفوض شرطة في قبول رشوة بقيمة 500 ألف أوقية من أحد أفراد عصابة متخصصة في إدارة أوكار القمار. هذه القضية كشفت النقاب عن شبكة معقدة من الفساد والجريمة المنظمة التي تعمل في الظل، مع تورط شخصيات أمنية وأفراد ذوي نفوذ.
تفاصيل التسجيل الصوتي
التسجيل الصوتي، الذي أثار ضجة واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي، يُظهر مفوض شرطة يقبل رشوة مالية لضمان تسهيل أنشطة العصابة وعدم ملاحقتها قانونيًا. الشاب سيدي محمد دابو، وهو مواطن موريتاني مقيم حاليًا في إحدى الدول الإفريقية، أكد أنه من قام بتسجيل المحادثة وتسريبها. دابو أوضح أن التسجيل تم أثناء مفاوضاته مع مفوض الشرطة عندما كان جزءًا من العصابة.
صور الأسلحة والموقع السري
لم تتوقف الأمور عند التسجيل الصوتي، بل قدم دابو أدلة أخرى تضمنت صورًا لأسلحة أكد أنه استحوذ عليها أثناء عمله مع العصابة. وذكر أن الأسلحة، التي قُدرت بحوالي 25 صندوقًا، تم تخزينها في منزل بمنطقة الصحراوي في تفرغ زينة. هذه الصور أثارت جدلًا واسعًا وأعادت تسليط الضوء على النشاط الإجرامي المنظم في العاصمة.
ظهور فيديوهات جديدة
إلى جانب التسجيل الصوتي والصور، انتشر مقطع فيديو يظهر عبد الرحمن ولد المراكشي، المعروف بلقب “المحامي”، أمام أحد الملاهي الليلية في المغرب. هذا الفيديو زاد من التساؤلات حول طبيعة نشاط العصابة وتوسعها خارج حدود موريتانيا. كما ظهر فيديو آخر يُظهر زعيم العصابة عبد الله، المعروف بلقب “Le King”، وهو يرتدي زي الدرك الوطني ويقوم بتدريب أحد الأفراد على استخدام السلاح.
منشور سيدي محمد دابو
بتاريخ 4 ديسمبر الجاري، نشر سيدي محمد دابو على صفحته في فيسبوك بيانًا أشار فيه إلى استعداده لإجراء مقابلة مباشرة مع أي منصة إعلامية أو مدون شريف. وأكد في المنشور استعداده للحديث عن تفاصيل أكبر وكر للقمار والجريمة المنظمة في نواكشوط، والذي تسبب في تفكيك أسر، هروب معيليها، وانتحار بعضهم. كما أشار إلى أنه سيقدم أدلة دامغة خلال المقابلة، بما في ذلك فيديوهات تظهر الأسلحة بمختلف أشكالها وتدريب أصحاب السوابق على استخدامها.
دابو شدد في منشوره على أنه لا يسعى لأي تعويض مادي من هذه المقابلة، بل يريد تبرئة ذمته مما وصفه بـ”العمل الذي تم إقحامه فيه وهو في مرحلة المراهقة”، مؤكدًا توبته وطلبه قبولها من الله.
مزاعم حول تورط شخصيات نافذة
في تطور مثير، أشار صاحب صفحة على فيسبوك إلى تورط مقربين من الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز والرئيس الحالي وحرمه في هذه القضية، مؤكدًا أنهم يخسرون ملايين الأوقية في لعبة القمار التي تديرها العصابة. هذا الادعاء أثار المزيد من الشكوك حول نطاق تأثير العصابة وعلاقاتها.
هيكل العصابة ونشاطها
تُعرف العصابة بتخصصها في الأنشطة التالية:
- إدارة أوكار القمار.
- الابتزاز.
- تقديم الرشوة للمسؤولين.
وتضم العصابة في صفوفها:
- مفتشو شرطة متورطون.
- أصحاب سوابق جنائية.
- رجال أعمال يقدمون الدعم المالي.
تفاصيل إضافية حول الشخصيات
- عبد الرحمن ولد المراكشي: يُلقب بـ”المحامي” ويعتبر أحد أفراد العصابة البارزين. ظهوره في فيديو بالمغرب أثار تساؤلات حول علاقاته الدولية.
- عبد الله: زعيم العصابة المعروف بلقب “Le King”. يقود العصابة بقبضة قوية، وظهر في مقاطع فيديو يدرب أفرادًا على السلاح مرتديًا زي الدرك الوطني.
- سيدي محمد دابو: الشاب الذي كان جزءًا من العصابة سابقًا، وساهم في كشف هذه التفاصيل.
ردود الفعل المجتمعية
أثار الكشف عن هذه الفضيحة صدمة كبيرة داخل المجتمع الموريتاني، حيث طالب المواطنون السلطات بالتحقيق الفوري ومحاسبة المتورطين. هناك دعوات لتعزيز الشفافية داخل الأجهزة الأمنية ومحاربة الفساد من جذوره، خاصة بعد الكشف عن تورط شخصيات أمنية رفيعة المستوى.
التداعيات المحتملة
- الثقة في الأجهزة الأمنية: أثرت هذه القضية سلبًا على ثقة المواطنين في المؤسسات الأمنية.
- التحقيقات: تتزايد الضغوط على الجهات المعنية لفتح تحقيق شفاف وعادل يكشف ملابسات القضية.
- محاربة الجريمة المنظمة: كشفت هذه الفضيحة عن الحاجة إلى تعزيز الجهود لمكافحة شبكات الجريمة المنظمة.
خاتمة
هذه القضية تمثل اختبارًا كبيرًا للسلطات الموريتانية ومدى جديتها في محاربة الفساد والجريمة المنظمة. في حين يترقب الجميع نتائج التحقيقات، يبقى السؤال مطروحًا: هل ستتمكن السلطات من استعادة ثقة المواطنين ومحاسبة جميع المتورطين دون استثناء؟