من نافلة القول أن وقت و أقوال و أفعال العقلاء مصونة عن العبث .
لكن للسياسة أحكام وإنما يمتحن الرجل بقدرته على تحمل مايتبع عن زلاته واختياراته .
لو دخل طالب إلى قاعة المسابقة الإعدادية ولا يحمل معه بطاقة تعريف لعرض نفسه للسخرية ووضع نفسه موضع الريبة العقلية ، هذا وهو طفل لم يبلغ بعد الحلم .
فماذا نقول عن رجل بالغ يدخل المجلس الدستوري ومعه جيش من المحامين و الوزراء السابقين ، وهو يحمل ملفا فاقدا للوثائق الدستورية المطلوبة لاعتماد ترشحه ؟
مضحك أن تسأل ولي أمر الطالب سالف الذكر عن بطاقة تعريف طفله فيخبرك بأن “حد كيف فلان ما يحتاج تعريف ” أو ” فلان أكبر من التزكية ” .
أما ولي التنوير القانوني الواقف على قدميه في حضرة مجلس دستوري فيقول ، بأن هناك مواطنا موريتانيا أكبر وأجل من الدستور ولا يحتاج للخضوع لشروطه ولا متطلباته .
ليس في الأمر جديد يمكن ذكره فاحتقار الشعب ودستوره وهيئاته هي مجرد عادات على هامش العشق الأزلي للتسلط والحكم .
هناك حرج كبير فيما يتعلق بالفاصل المعنوي الكبير بين زمنين ، في أحدهما كان الناس يتدافعون خوفا من جبروت لا خلاق له وطمعا في دُولة تقسم وفق مناهج الأباطرة (أعطوه كيسا من الدنانير).
أما الزمن الآخر فهو زمن كشفت فيه الأمة عن ذاكراتها المشحونة ببواعث الحساب.
صحيح أن العظمة حافلة بمترادفات الجنون ، لكن الجنون أيضا يوهم بالعظمة ، لذلك فإن الصورة في ذهن عزيز الأمس لا تزال متكلسة على جدار الوهم .
هذه صدمة كبيرة وصعبة التقبل .
من توقع أنتصار الخوف في زمن الأمان لا شك سيحتاج كثيرا للتفكير في دفع الحرج باستمرار .
أما أحداث الليلة الأخيرة من آجال دفع ملفات الترشح فقد كانت ليلة ثقيلة الوطأة على من جاء لدفع الحرج أمام الأمة .
علينا فقط أن نتذكر أن ذلك الطفل سيكتسب الطاقة الكافية لتوجيه العتب القاسي لولي أمره الذي حضر بكل غروره ولم يحضر بطاقة التعريف .
هكذا فعل عزيز فأعجب اعل الشيخ ولد الحضرامي بالفكرة و جاءا يحثان الخطى قبل تناظر الأصفار الأربعة لا ليدفع أحدهما ملف ترشحه بل ليدفع الحرج بدفع ملفه .